الآخر
يكتسب الآخر مدلوله من خلال معنى ( الذات ) وهويتها ، وهاتان تقويان في حالة الانتماء ، وتطّرد قوة الانتماء بقدر معاداة النقيض الذي يصبح هو الآخر –
المعني ّ معنًى وموقفًا .
في مجتمعنا الفلسطيني حيث يؤلف بيننا الوطن وما يُكاد له فإن صانع الكيد هو ذلك
( الآخر ) ، لأنني في مواجهته وهو في مواجهتي .
صحيح أن هناك “ آخر " آخر - ذاك الذي لا يعادي ولا يناقض ، بل يراقب أو
" يتفرج " ، فهذا يكتسب " آخريته " بسبب عدم انتمائه لمجموعتي ، وعلاقتي به قد لا تختلف عن علاقتي بفرد من مجموعة انتمائي .
لا يخفى أيضًا أن للهوية محاور مختلفة ، فعندما يستلزم التقسيم الديني ، فإن الآخر الذي أواجهه هو ذلك الذي يحاول نفيي أو إلغاء أسس نهضت عليها في عقيدتي .
ويمكن في التقسيم الاجتماعي الحاد - كما كان في أوج الشيوعية - أن يكون الآخر هو المعادي الطبقي .
إذن ، عندما تقوى الهوية يقوى مفهوم " الآخر " نقيضًا معاديًا لطموحاتها ، وهذا
" الآخر " هو المراد في المجابهة إلى درجة أنه يحتكر اسم ( الآخر ) وكأنه قصر عليه ، ويتضاءل مدلول الآخر - بمعنى كل ما هو غيري أو غير فئتي .
ملاحظة : ثمة علاقة موقفية بين مصطلح ( جوي ) لدى اليهود ، وهم من أوائل من رسخوا قانونية " الآخر " ، - وأحيانًا بنوع من الإنكار - وبين مصطلحنا الذي تردد مؤخرًا بصورة منهجية .
وتبعًا لذلك فالآخر الذي يجابهه الفلسطيني اليوم هو الصهيوني المتطرف ، و هناك من ينحو – تعميمًا – اليهودي ( وليس المقصود بالضرورة المفهوم الديني ) ، وكذلك كل من دار في فلكه ممن يحاول أن يتنكر لوجود الفلسطيني وحقه على أرضه وفي وطنه .