الاحتفاء بالأدباء

                                                        

   ظاهرة تكريم الأدباء والاحتفاء بهم في حياتهم أو بعد مماتهم – خطوة سديدة حميدة ، حقا إنها لمحفز عظيم ، وفيها أصالة ورسالة ، وذات معنى لمن يصبون إلى دخول هذا العالم السحري الجميل الماتع- عالم الأدب.

 

اعتدنا أن نكرم ذكرى بعض أعلامنا ممن مضوا- وظل أدبهم حيًا وحاضرًا ، وها نحن نكرّم الأحياء غير منتظرين حتى يقضوا نحبهم. وهنا يحضرني قول فولتير لمن وعده بتقريظه بعد مماته: " خير لي أن أقرأ كلمة طيبة عني في صفحة داخلية من أن تخصص لي  الصفحة الأولى ،  وتكون عني بعد موتي ".

 

سنّة كريمة سنتها مجلة الشرق لصاحبها د. محمود عباسي ، فقد أصدرت أعدادًا خاصة بأدبائنا ، كان آخرها تكريمًا للشاعر ادمون شحادة، وأصدرت  ملفًا عن الشاعرة سعاد قرمان التي تستقبل عامها السبعين ، ( فنعم أجر العاملين ) وعن حنا أبو حنا وطه محمد علي و شكيب جهشان  وكاتب هذه الكلمات.....  وغيرهم .

من حق الأديب أن يفرح أو يسعد لتقدير زملائه، من منطلق أن هذا التكريم يصب- بالتالي- في قناة الأدب المحلي وتفاعل مجتمعنا معه.

أوليس هذا – بربكم- يخفف من حدة  أخبار الاشتباك والعراك التي أصبحت خبرنا اليومي المر والممض  إلى درجة السم  ؟ ؟ ؟

بادرت " الأسوار " من قبل والمنتدى الثقافي من بعد على عقد اللقاءات الثقافية والندوات الأدبية وتفعيلها ، وفي تقديري أن لهذه اللقاءات إيجابيات – أولها  اللقاء بحد ذاته ، وما يعكسه من أجواء  تعارف . وثانيها -  تقوية الانتماء الأدبي وتوثيق عُرا الألفة بين الأدباء كما رأى الشاعر:

 

وإذا الأديب مع الأديب تجالسا

                                           كانا من الآداب في بستان

ومن حق الأديب أن يسمع ماذا يقول العارفون بفضله  - ولكن بدون مغالاة  -  فمن قال إنه كتب عليه أن يستمع إلى المتربصين فقط ؟

فليكن الأمر من هنا وهناك ، ومن هذا وذاك !

 تسنى لي حضور الكثير من حفلات التكريم ، فطاب لي الجو الحميم، غير أنني – أحيانًا – أتضايق بسبب كثرة الخطباء وإطالتهم ، وكأننا سنظل شعب خطابة أو " ظاهرة صوتية " – كما يقول القصيمي   .

 وكم يعكر صفوي الرجم باللحن ... يلحنون ويخطبون ؟ ؟ يلحنون ويكرمون ؟؟  ( لا أعني أولئك الذين قال فيهم بشار: " كفى المرء نبلا أن تُعد معايبه " ) .

ويعكر الصفو كذلك أن ميزان الاختيار  - لمن  يُكرّمون  -  غير عادل، فتارة ترى الكاتب مبتدئًا، وطورًا لم يبتدئ  " وقد يتزيّا بالهوى غير أهله "- كما قال أبو الطيب . 

 من هنا نستطيع أن نفهم الذين يعتذرون عن تكريمهم ويرفضون تسليط الأضواء عليهم.

و مهما يكن من أمر فالتكريم واجب على المجتمع نحو أديبه، والجوائز هي أوجب ...

فلماذا لا تكون لنا جوائز أدبية على أسماء مدننا، وشخصياتنا الراحلين و " المنتظرين " ؟ ؟

         رؤساء البلديات والقرى سيقولون لكم جملهم الرتيبة -  وهي تتباكى  - : " ميزانيات.. رواتب.. حكومة "، ولكنهم يبدعون في ابتداع الوظائف غير الضرورية- أللهم إلا لمن هم حولهم – هل أقول إنهم يستخفون بالثقافة خارج الإطار المدرسي الرسمي ؟

 

في هذا السياق لا بد من الإشادة بفكرة " صندوق المرحوم مكرم قبطي "، وها نحن نقرأ أسماء الباحثين الذين حصلوا على منح تقديرية ، من هنا أناشد ذوي الثراء والهمة – إذا هما اجتمعا...- للإعلان عن جوائز للإبداع أدبًا وفنًا ، ولا غضاضة أن تكون الجائزة على اسم المتبرع،   حيث تعين لجنة أمناء أمينة – تختار لجنة تحكيم مسؤولة ومقررة.

 إن العطاء ليحيي ذكر صاحبه

                                كالغيث يحمي نداه السهل والجبلا

رأيت بالأمس على أغلفة بعض  المجلات صورًا  لبعض أدبائنا  ،

قرأت مدى الاهتمام بهم وبأخبارهم وبقراءاتهم  ،  و...

ترى، هل أنا أحلم؟!!!

 

إذا كان كذلك ،  فلنكثر من وجبات الطعام المطهمة!!